Sunday, December 07, 2008

كارهي الفن و الإنطلاق ... كارهي الجمال


كم أحب أن أفرد أجنحتي و أنطلق في شوارع مدينتي... أن أجري و أغني و ألهو... أقفر من فوق الأسوار... أرقص حول الأشجار...
بدون تلك النظرات و التعليقات السخيفة من سكانها... بدون تدخلهم في ما لا يعنيهم... إنها حريتي... أدافع عنها كل يوم... أحارب من أجلها في كل خطوة أخطيها في مدينتي العزيزة الشاهدة علي كل دموعي و ضحكاتي...

كم أسعدتني إقامة مهرجان الكوربة كل أسبوع... حضرت معظم الأسابيع و سأستمر في حضور هذا الحدث الجميل...
عندما ذهبت... لاحظت قلة التعليقات السخيفة و المضايقات و إنتشار الذوق في المعاملة بين المحتفلين علي غير المعتاد... زينت البهجة و الرسوم الجميلة و الأشعار الشوارع و الأرصفة بدلا من أكوام القمامة... كأن ساكني مدينتي تحرروا من كل قيودهم و أنطلقت كل الطاقات الجميلة بداخلهم...


و لكن...
لم يحتمل كارهي الفن و الإنطلاق و الجمال مثل هذا الحدث الجميل فأطلقوا سهام الجهل و القبح محاولين قتل أي ظاهرة حضارية... أي شمعة تضئ طريق مدينتنا...
قام أصحاب المحال التجارية بتلك المنطقة بطلب الشرطة لفتح الشارع لمرور السيارات و أدعوا قيام بعض المحتفلين بمضايقتهم... و أستجابوا لهم!!!!! لكن هذا لم يصرف جميع المحتفلين... أستمر الإحتفال و لم يتم إلغاءه و لن ينجح أحد في إطفاء مثل هذه الروح الجميلة أو وأد مثل هذا الحدث الجميل... فليموتوا بغيظهم إذا كانوا لا يحتملوا إستنشاق الفن و الجمال و الإنطلاق... إذا كانوا لا يحتملوا أن تنطلق الحرية في شوارع مدينتنا...

نص الحوار بيني و بين صاحب مخبز عندما كنت أرسم علي الرصيف المقابل لمخبزه:
كنت مندمجة في رسم وجوه حزينة و أخري مبتسمة بالطباشير تعبر عن الوجوه المختلفة لحياتنا... أزين بها الأرصفة في شوارع مدينتي...
و وجدت صاحب المخبز يخبط و يرزع في القوالب و يتمتم بكلمات لم أسمعها جيدا...

أنتي يا آنسة ياللي قاعده بترسمي جنب العامود ,خلاص شطبنا... بكلمك أنتي!!!
أنت مالك هو أنا برسم علي الفطير بتاعك؟؟؟!!!
خلاص , قومي ,محنا اللي بنتعب عشان نمسح كل ده بعد كده!!!
و تمسحوه ليه ,هو الفن بقي حاجة وحشة عايزة تتمسح لكن الزبالة اللي مالية الشوارع هي اللي جميلة!!! مش من حقكوا تمسحوه أصلا ,الرصيف بتاعنا كلنا ,مرسمتش في محلك!!!
مهو قدام المخبز يعني!!!
أنت متكلمنيش كده ,ملكش دعوة أصلا ,مش قايمة لحد مخلص كل اللي أنا عايزاه!!!
اللهم ما طولك يا روح ,قومي!!!
مش قايمة!!!
مع ملاحظة اللهجة التي يتحدث بها!!!
و أنصرف إلي مخبزه و هو يتمتم بكلمات لم أسمعها جيدا ,لكني أعرف ما يمكن أن يقوله مثل هذا الرجل و أستمريت في الإحتفال...